آدم وحواء ... ماذا يريد كلاهما من الآخر؟

آدم وحواء ... ماذا يريد كلاهما من الآخر؟

إلى كل آدم ... إلى كل حواء
كثرت الخلافات بينكما ... تركتما الشروخ تغزو حياتكما ، بينما أنتم فى غفلة عنها ... فاتسعت الشقة بينكما ... احتدمت الصراعات ... ابتعد كلاكما عن الآخر ... انعزل كل منكما و تقوقع على نفسه ، وكأنكما غريبان ... بل أحياناً أراكما وكأنكما عدوان ... وكأن بينكما مسافات شاسعة لا تستطيعان اجتيازها ليصل كلا منكما إلى الآخر .
يا كل آدم ... ويا كل حواء ... نسيتما فى غفلتكما أنكما لستما مجرد آدم وحواء ... بل أنتما اساس الحياة البشرية ... أنتما اللبنة الأولى للمجتمع ، للجنس البشرى بأكمله ... إن استمر الخلاف ... ان استمرت التصدعات ... ان تركتما الهوة تزداد اتساعا ، صدقانى ، ستصبح هاوية من جحيم ... و ستنهار الحياة بأكملها .
عليكما أن تحسما أمركما ... عليكما أن تخضعا لصوت العقل ... عليكما أن تبدءا معا فى حوار هادف بناء ، لابد أن يحدد كل منكا ما يريد من الآخر ... وما يرديد الآخر منه ... على كل منكما أن يعرف ويحدد بدقة وصدق مع ذاته ، ما له وما عليه ، هكذا سيعرف كلا منكما حدود الدور المنوط به ... سيعرف كلا منكما حدود مسئولياته أمام الآخر ... وأمام نفسه ... وأمام الله .
فليجلس كل منكما إلى الآخر ... يحاوره ... يكلمه ... يسمع منه ، ولنبدأ حوارنا هنا بسؤال هام كفيل بتحديد كل ما نريد تحديده
ماذا يريد آدم من حواء ؟
وماذا تريد حواء من آدم؟
ولكن قبل أن تبدءا حواركما ، عليكما أن تفهما جيداً ما قصدت ، لم أقصد مجرد آدم ... أى آدم ... مع حواء ... أى حواء
حواء هنا يا آدم ليست لها صفة واحدة فى حياتك ، وحبها لا يمكن أن يأخذ صورة واحدة ... فهى الجدة ...الأم ... الأخت ... الابنة ... الحبيبة والزوجة ... فكر ماذا تريد تحديداً من كل منهن .
بالمثل ، أقول ، آدم هنا يا حواء ، ليس له صفة واحدة فى حياتك ، وحبه لا يأخذ صورة واحدة محدودة ... آدم فى حياتك يا حواء هو الجد ... الأب ... الأخ ...الابن ... الحبيب والزوج ... فكرى بروية ... ماذا تريدين من كل منهم
نصيحتى لك يا آدم ... نصيحتى لك يا حواء ... قبل أن يفكر كلاكما فى حقوقه لدى الطرف الآخر ... فلتفكرا فى مسئولياتكما تجاهه ... لا يفكر أحدكما فيما يتوقع من الآخر ... قبل ان يفكر فيما يريد هذا الآخر منه
فليسأل كلا منكما نفسه ... ما الحق الذى هو لى ؟ وما الحق الذى هو على ؟ هكذا يمكن كلا منكما ان يكون صريحا وعادلا مع نفسه ومع الطرف الآخر ... فلنبدأ معا بالتسلسل ...




الجد ...

لكل منا جدين ، الجد للأب ، والجد للأم ... ، أتوقع من كل آدم بصفته جد ما رأيته من جدى، أن يحسن تربية أبناءه ، الذان سيكونان هما الآباء ... فليتق الله فى رعيته التى هو مسئول عنها ، أتوقع من الجد للأب ، أن يربى ابنه على تقوى الله وطاعته والالتزام بما أمر به ، أن يزرع فيه الحب والرحمة ، أن يطيب مطعمه ... يطعمه من حلال حتى ينبت نباتاً صالحاً يمكنه من أن يكون خير خلف لخير سلف
أتوقع من كل جد أن يربى ابنته على الفضيلة والعفاف ... أن يربيها على تقوى الله وطاعته ... أن يهب للمجتمع أما صالحة ، حسنة الخلق ن تحفظ زوجها فى نفسها وماله وبيته ، هكذا نكون قد قطعنا شوطاً لا بأس به ، فإن صلحت الأم ، صلح الأبناء ... وبالتالى صلح المجتمع ، وصلحت أمة الاسلام .


الأب ...

أتوقع من كل أب ما أراه من أبى
أتوقع منه أن يلتزم بتربية ابناءه تربية اسلامية صالحة ، يرعى حدود الله فيهم ويتقيه فى ما أولاه من مسئولية ، يعلمهم ويكون خير قدوة ... يعلمهم كيف يعبدون الله بقلوبهم وعقولهم ... يعلمهم كيف يعاملون أمهم وكيف يعامل الرجل الحق زوجته ويتقى الله فيها ، فيحترمها ويحرص على احترامهم لها ، ويحبها سراً وعلانية ، حتى يعلمهم ان الحب موقف ومسئولية واسلوب حياة ، وليس مجرد شعور بداخلنا
يعلمهم كيف يفكرون ، وكيف يكون لكل منهم فكره الخاص الحر المستقل ، بدون أن يحاول أحدهم السيطرة على الآخر وعلى فكره ، وألا يحجر على رأى ... يعلمهم كيف يتخذون قراراتهم الخاصة ، وكيف يتحملون بشجاعة مسئولية قراراتهم .


الأخ
أتوقع من كل أخ ، ، أن يكون هو سفير الأب فى المنزل ، أن يقيم حدود الله ويتقيه فى أخوته ، يرعى حقوقهم ويحرص عليهم حرصه على نفسه .
أتوقع من كل أخ نخوة الرجال و عزتهم فى الله ، غيرتهم على أعراضهم وأخواتهم ، فيكون العين التى ترى والأذن التى تسمع بحب ، والقلب الذى يحتوى ، واليد التى توجه للصواب بدون عسف أو تعنت ، بدون أن تمتد فى غباء وقسوة كما نرى من البعض –هداهم الله – فى بيوتهم ومع اخواتهم من استخدام سئ للسلطة والقوة العضلية بشكل سخيف ، أتوقع من كل أخ أن يتقى الله فى أخته ، فنحن نعلم جميعا أنه ان تدين تدان – وديون الأعراض توفى بالأعراض – فليحرص كل منهم على صون عرضه فى آل بيته ... أتوقع من كل أخ أن يكون الصورة المشرقة التى ترتسم فى مخيلة الأخت للرجل الذى تود الارتباط بمن يشبهه فى حسن خلقه يوماً ما .


الابن ...

أتوقع من كل ابن ، اتباع ما أمر به الله ، وما أوصى به الحبيب المصطفى من بر الوالدين ، وخاصة الأم .
أتوقع من كل ابن أن يتقى الله فى والديه ، ويكون خير معين لهما على النهوض بمسئولياتهما ، وليس أن يكون شوكة مغروسة فى سويداء القلب ، يؤلمهما بالقول والفعل ويعيق جهودهما لانجاح حياة الاسرة
أتوقع من كل ابن تقوى الله


الحبيب والزوج ...
تجدوننى هنا جمعت الصفتين معاً ، كما أصر دوما على جمعهما ، فلا يحل لغير الزوج أن يكون أو يبقى حبيبا ، وإلا كانت هى الخيانة ولو بالقلب ، أتوقع من كل زوج أن يبقى حبيباً على مدى الحياة ... حتى وان ذبل الجلد النضر ، وشاب الشعر الأسود ... حتى ان شاخ الجسد الفتى ... و ان ذبلت الزهرة ... لا أريده أن يترك الحب يذبل فى قلبه
وكيف ذلك ؟ تعالوا نبدأ معا ... فلتختر أولا الزوجة الصالحة التى تجد الحبيب تكلم عنها ، اظفر بذات الدين التى ان نظرت اليها سرتك واذا أمرتها أطاعتك فى حدود ما أمر الله به ، و بلا قسر أو اجبار أو قسوة ... لست عليهم بمسيطر
الآن ... أنت اخترت ، أمعنت النظر فى اختيار فلا تنس الاستخارة ... استخر الله ... ثم توكل عليه واتخذ قرارك ؟
تعالى بنا نجلس فى هدوء ... اتخذت قرارك ؟ هل أنت واثق من اختيارك؟ خذ وقتك ولا تتعجل ، أخذت القرار وقمت بتنفيذه ؟
أنت هنا مسئول أمام نفسك وامامها وأمام الله ... فاتق الله فيها وفى نفسك ... هى الآن الزوجة والحبيبة والصديقة والأخت ، ولم أقل الأم ، لأن لا أحد يحتل مكانة الأم والأب منك ،
أنت الآن تعرف انك اخترت انسانة على دين وخلق ، تحبها وتحبك فى الله ، احرص عليها اذن ، ولتبق على الاحترام المتبادل بينكما ، هذا الاحترام الذى يصدر من اعماق القلب والعقل و الروح معا ، بلا اجبار ولا استخدام مجحف للسلطة وللقوة أيضا ... رفقاً يا أخى بالقوارير
عليك أخى أن تحبها بكل ما فيها ... كيانا واحداً ، لا مجال للتجزئة أو الانتقاء ، لن تقول أحب فيها جمالها وأكره صراحتها ، و لا أحب مرحها وأكره تلقائيتها التى تجعلها أشبه بالأطفال ، هى مش قفص فاكهة تأخذ ما يحلو لك و تترك الباقى
أنا إن أحببت رجلا لدرجة أن أقبل الزواج به ، سأحبه كما هو ، وليس كما ينبغى أن يكون ، سأتقبل فيه المميزات بجوار العيوب ، فأنا أيضا لست ملاكاً ، بى عيوب كثيرة ربما لا أرى أغلبها ، وهنا ان رضيت بخلقه ودينه يكون من السهل أن أحبه بكل ما فيه ، بعقله ... بجنونه ... بمميزاته وعيوبه ، ربما سأحب فيه حتى عيوبه ، لمجرد أنها جزء منه .
هذا أخى ما عليك أن تفعل ... حاول على الأقل ، فإن أحببتها ستحسن معاملتها وتتقى الله فيها ، و إن كرهت منها خلقاً رضيت بالآخر ، وان كرهتها يوما ستجد انك لا تستطيع أن تظلمها .
و مع الوقت أن كتب الله لكما السلامة معا ستتقدما كلاكما فى السن ، سيختلف كلا منكما فى الشكل ، تزول نضارة الجسد ، فاحتفظا بنضارة الروح والقلب ، لا تذهب للبحث عن أخرى تجدد بها شبابك وحيوية قلبك ، لا تنس تلك الشمعة التى احترقت بجوارك كى تنير لك الطريق ... اتق الله ... اتق الله ... اتق الله


اخوتى ستجدوننى هنا أخاطب آدم
لا ... بالواقع أن أخاطب آدم وحواء على حد سواء ... فما تطلبه حواء هنا ، وتتوقعه ... هو نفس ما يطلبه آدم ... مع فارق التعبير و مع فارق طبيعة شخصية كلا منهما
ولكن ستجدون كلا منهما يبحث عن الاخلاص ... اخلاص النية لله ... تلك التى تدفعنا لتقوى الله ... و التى تدفعنا بدورها لحسن المعاملة وحسن الاختيار ، إلى الصدق مع الذات ومع الطرف الآخر
يا كل آدم ... يا كل حواء ... اجلسا معا تناقشا ... فليفكر كل منكما بهدوء و روية ... ماذا يريد كلانا من الآخر ؟ وماذا يريد الآخر منه؟
والآن إلى كل آدم ... إلى كل حواء ... شاركونى الحوار
يا آدم ... ماذا تريد من حواء ؟ وماذا تتوقع أن تريد منك ؟
يا حواء ... ماذا تريدين من آدم ؟ وماذا تتوقعين أن يريد منك؟

أخوانى ... شاركونى
آدم وحواء ... ماذا يريد كلاهما من الآخر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟